الجمعية المغربية للغويين والمبدعين
الجمعية المغربية للغويين والمبدعين
الجمعية المغربية للغويين والمبدعين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجمعية المغربية للغويين والمبدعين

ابداع بلا حدود
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولالعقد الفريد

 

 دور الإدارة التربوية في التدبير التشاركي للمؤسسات التعليمية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالسلام عبلة




عدد المساهمات : 1
نقاط : 3
تاريخ التسجيل : 12/04/2011

دور الإدارة التربوية في التدبير التشاركي للمؤسسات التعليمية Empty
مُساهمةموضوع: دور الإدارة التربوية في التدبير التشاركي للمؤسسات التعليمية   دور الإدارة التربوية في التدبير التشاركي للمؤسسات التعليمية I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 13, 2011 4:13 pm


مدخل عام:
إن تاريخ الأمم كافة ، يؤكد أن البحث عن المعرفة هو القاسم المشترك الذي حرك دواليبها في مختلف الواجهات ، و أن السعي خلف تحقيق رفاهية بالمعاني التي تمثلتها لها هذه الأمم حسب الأزمنة و الأمكنة و وعي العقل البشري و تطوره ، هو دافع الانشغال الأبدي للفرد بمن و ما حوله ، انشغال كان بمثابة تفاعل أسفرت مخاضاته المتأرجحة بين البساطة و التعقيد عن فكر ثم أفكار ثم منظومات فكرية وأنساق معرفية تعيد قراءة السبل المفضية إلى أغوار هذه المعرفة و إحالاتها الناطقة بصوت الطبيعة و الظواهر المحيطة ، لتنتظم بعد ذلك مختلف الشعوب والدول و ترتب في عوالم حسب رقي فكرها و نجاعة أنساقها المعرفية .
و اليوم ، "تواجه دول العالم المختلفة ، وخاصة الدول النامية في العصر الحديث ، تحديات أساسية تدور كلها حول كيفية تحقيق مستويات عالية من الرفاهية الاقتصادية و الاجتماعية لأبنائها ، و الحفاظ على مركزها في مجتمع الدول "*1 وهو رهان لا يتأتى كسبه إلا من خلال التعلم و التربية ، لأنهما المسلك الوحيد لصناعة الإنسان و الرأسمال الحقيقي للمجتمع . "فالثورة العلمية و المعرفية والتكنولوجية في هذا العصر و ما يصاحبها من التفجر السكاني والحراك الاجتماعي، و التغير الاجتماعي في المجالات المتعددة و ما يسوده من انفتاح على العالم جعل من التعلم و التربية و الثقافة وسيلة للتسابق و التنافس و بذل الجهود الحثيثة لمواكبة المستجدات"*2. و بالتالي ، فإن كل الجهات المسؤولة عن هذه الوسيلة ، كان لابد من تحديثها حتى تتسنى لها مجاراة الإيقاع الكوني المتطور والمتجدد باستمرار . و ذلك من خلال تأهيل بنياتها المادية و البشرية للرفع من وثيرة وجودة إنتاجيتها و تطوير أداء عنصرها البشري .
و بما أن مؤسسات التربية والتعليم، هي الفضاء الرسمي لممارسة الفعل التربوي التعليمي، فهي قطب من الأقطاب المهمة لإرساء قواعد مبادرات تنمية الأمة وتطويرها. و لعل هيئات الإدارة التي تتحمل مسؤولية تسيير هذه المؤسسات ، هي الراعية المباشرة لشتى مراحل تحميل الفرد محتويات الحقن الإيديولوجية و بناءه عقليا و وجدانيا ، و تنفيذ العملية التربوية على أكمل وجه . لذلك، كان لابد لهذه الهيئات أن تستأثر بالاهتمام، و تصبح مسألة تطويرها من أهداف الإستراتيجية العامة للبلاد.
* الإدارة التربوية من الغاية إلى الوسيلة :
منذ فجر الاستقلال ، اعتبرت الإدارة التربوية بمثابة حضور للمخزن داخل مؤسسات التربية والتعليم ، و ذلك من خلال المشرفين عليها شكلا و أداء ، فالإداري أو المرشد التربوي ، لم يكن أكثر من منفذ لتوجيهات و أوامر مملاة من فوق ، معتنقا في كل ممارساته التدبيرية ، التشريعات والقوانين المنظمة للعمل والعلاقات، و التي غالبا ما كان شغلها الشاغل هو الانضباط على مستوى المواظبة أوالضوابط المهنية من جهة، و حماية المؤسسة و مراقبتها من أي اختراق للممارسة النقابية أو السياسية أو غيرها من جهة ثانية . و لأن هذه النظرة التشريعية للإدارة التربوية هي التي زكتها اختيارات الدولة في بادئ الأمر ، فإننا إثر الجرد الكرونولوجي لمختلف محطات الإصلاح التربوي ببلادنا ، نلاحظ كمهتمين وممارسين أن الاهتمام انصب على" الممارسات البيداغوجية الحاصلة خاصة بين المدرس و المتعلم وأغفل جوانب أخرى فاعلة و مؤطرة لفعلي التعليم والتعلم ، خاصة الإدارة التربوية على صعيد المؤسسة"*3 غير مستحضر أن الإدارة التربوية تنخرط في علاقة عميقة و جدلية بكل أساسيات العملية التعليمية التعلمية ، انطلاقا من المتعلم فالأستاذ فالطرائق والمناهج والبرامج وغيرها، و كل ذلك في إطار الإستراتيجية العامة للبلاد.
لقد كرس هذا التقصير في إبراز أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الإدارة التربوية خارج النظرة التشريعية الجافة ، اعتقادات تبنتها أجيال كثيرة من الإداريين والمسؤولين و غيرهم، تؤمن أن " الإدارة التربوية هي غاية في حد ذاتها وليست وسيلة،بل هي عملية روتينية تستهدف تسيير الشأن التربوي للمؤسسة وفق تشريعات مملاة من فوق ، أو نوع من التقاعد المبكر أو مغادرة طوعية قبل الأوان للهروب من المسؤوليات الجسيمة للقسم و التحول من موقع المرؤوس إلى موقع الرئيس "4 . هكذا ، كان لابد لمبادرة الإصلاح الأخيرة ، و التي أسفرت عن الميثاق الوطني للتربية و التكوين ، أن تعترف في مجال التسيير و التدبير ، الدعامة16 أن نظام التربية و التكوين ، لابد و أن ينظر إليه" كبنيان يشد بعضه بعضا ، حيث تترابط هياكله ومستوياته و أنماطه في نسق متماسك و دائم التفاعل و التلاؤم مع محيطه الاجتماعي والمهني والعلمي والثقافي "5، و بالتالي فإن الاهتمام لابد و أن ينصب على كل لبنات هذا البنيان ، ومنها الإدارة التربوية ، وأن يؤهلها لتكون قوية، و ذلك بالتكوين و التأطير و التأهيل في مجال الإدارة التربوية . ليجعلها وسيلة لتبليغ الرسالة الإنسانية للفعل التربوي تشارك في صناعة الإنسان، المحب و المنتمي للوطن وتنمي لديه المهارات و الخبرات التي يحتاجها لخدمة نفسه ووطنه.
* الإدارة التربوية بوابة الإصلاح :
هكذا إذا ،" لم تعد الإدارة التربوية غاية في حد ذاتها بل أصبحت وسيلة إلى غاية هدفها تحقيق العملية التعليمية التعلمية في مغزى اجتماعي و إنساني محض "6 ، لكن هذا المعطى الجديد ، وُجد أمام ترسبات قديمة من الصعب التخلص منها ، وهي في غالبيتها مرتبطة بشخص الإداري ، و مدى كفاءته المهنية واستعداده للتغيير،إضافة إلى براثن البيروقراطية التي لم تؤكد له جدوى هذا التحول و مبتغاه، بل كرست و تكرس سياسة الأوامر و الإملاءات الفوقية المطوقة للعمل الإداري بانشغالات ثانوية لا تخدم مشروع الإصلاح الكبير.
لذلك ، فإن العمل على صقل شخصية الإداري و إثراء مؤهلاته ، هو المدخل الرئيسي للخروج بالممارسة الإدارية إلى دائرة الضوء ، و بالتالي الانتقال من مرحلة الإدارة الكلاسيكية ، إلى المرحلة الحداثية المستمدة روحها من تجليات مرحلة الانتقال الديمقراطي التي تقطعها البلاد ، بمعنى تحديث الإدارة و دمقرطة أساليبها و انفتاحها على الآخر ، و هو انتقال " رهين بإعادة النظر في الوظيفة نفسها و ذلك بتطوير نظم داعمة للقرار التربوي و تعزيز القدرة في مجال التسيير و التدبير و التخطيط و المراقبة التربوية أيضا ،عبر إرساء ثقافة جمع المعلومات الصحيحة و معالجتها و تحليلها ثم استخدامها في عملية صنع القرار "7 و عبر إرساء ثقافة التشاور و التشارك و المبادرة ، و لعل التكوين الذي بادرت إليه الوزارة في إطار التعاون المغربي الكندي بروكاديم "مشروع دعم القدرات المؤسستية في تدبير الشأن التربوي و تفعيل اللامركزية و اللاتركيز في النظام التربوي المغربي " و الذي استفاد منه عدد من الإداريات والإداريين في مختلف مناطق التراب الوطني ، قد قرب الجميع من قواعد التدبير التشاركي الذي ينشده الإصلاح ، و أوضح كيف يمكن للإدارة أن تبث الفكر التشاركي في الحياة المدرسية و تشرك الفاعلين من باب التآزر لا من باب المفاضلة و التجاذبات المجانية ، فكيف يمكن للإدارة إذا ، أن تلعب هذا الدور ، و على أي مستوى تستطيع ذلك ؟
دور الإدارة التربوية في إرساء قواعد التدبير التشاركي :* على المستوى الاستراتيجي :
لاشك أن المؤسسة التعليمية في إطارها الحالي ، المستمد من روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين و مقتضياته، باتت فضاءا لتوقيع تغيرات جذرية في الممارسات اليومية لمختلف الفاعلين في المشروع التربوي على كل المستويات ، و بات التدبير للشأن التربوي من جهته سلسلة عمليات متفاعلة بإيجابية مع الحياة المدرسية و كل من يؤثر فيها ، و ذلك وفقا لاستراتيجية عامة تسطرها الدولة بما يتماشى و المشروع المجتمعي الكبير ، و هي الاستراتيجية التي لابد أن تمتح منها الإدارة التربوية في كل عمليات التخطيط و التنظيم والتنفيذ والمتابعة و التقويم لما يتم إنجازه محليا .
وبما أن سياسة اللامركزية و اللا تمركز ، تقضي بتفويض صلاحيات للإدارة التربوية في إطار تبني نهج التدبير عن قرب ، و بما أنه لا مؤسسة تعليمية بدون تخطيط استراتيجي و بدون ميثاق أو مشروع تربوي ، فإن الإدارة التربوية مدعوة لاتخاذ المبادرة على قاعدة مفهوم القيادة التشاركية لأن الإدارة مسؤولية جماعية لا يستطيع أن يتحملها شخص واحد ، و إنما تظافر جهود كل الفاعلين من داخل وخارج المؤسسة ، و بالتالي ، فإن برنامجا مشتركا متكاملا ومقنعا و مثيرا للاهتمام ، و تصورا واضحا لخطط العمل المحتملة و الممكنة و ضبط كل الحيثيات من أهداف و وسائل و غلاف زمني و متدخلون و فاعلون و المحتمل من النتائج والخطط الوقائية و البديلة ، و قدرات تواصلية نافذة لإقناع الآخر و تعبئته وإثارة التزامه ومسؤوليته ... كلها مهام تندرج ضمن استراتيجية العمل على قاعدة تشاركية تعاونية من شأنها أن تحرر القوة الإبداعية للفاعلين و تحسن أداءهم . والإدارة التربوية كآلية لتحسين الأداء في شموليته ، مدعوة لبث قيم التشارك وتحسيس الآخر بالانتماء عبر زرع الثقة وثقافة المؤازرة و التكامل و الانسجام فيما بين كل الفاعلين من ممثلين في مختلف المجالس و على رأسها مجلس التدبير إضافة لجمعية الآباء و الأولياء و المنتخبون و قدماء التلاميذ و مختلف فعاليات المجتمع المدني ...
* على المستوى التنظيمي :
إن الإطار العام للاشتغال على قاعدة تدبير تشاركي، يملي هيكلة مدروسة لفرق العمل، فرق يحكمها بقدر كبير تصور موحد و قيم مشتركة تضمن التزام الفاعلين وإخلاصهم ، إذ يتحملون جزءا من المسؤولية و ينخرطون بصورة مباشرة في اتخاذ القرار و يؤثرون فيه و يسهرون على تنفيذ الموفق منه .
إن مطالعتنا للتعريف الذي تتبناه الجهات الرسمية للتدبير التشاركي ، تؤكد أن هناك قناعة بضرورة الاعتراف بالآخر ، و أن القرار النابع من التشاور و التشارك ميزته الاحتمالات الضعيفة للوقوع في الخطأ و توافر الثقة بين المدبرين و المتدخلين والفاعلين و نجاعة تواصلية و حكامة جيدة ، و بالتالي فإن الأداء التنظيمي بشكل عام يكون أحسن ، فالتدبير التشاركي حسب التعريف " هو أسلوب تدبير يسمح باستثمار القدرة الإبداعية لمختلف الفاعلين في مختلف مراحل اتخاذ القرار بهدف التوصل للنتائج المنتظرة في مختلف مجالات عمل المؤسسة " 8 إنه أسلوب حداثي في ممارسة المسؤولية التربوية التي ترمي أولا وأخيرا إلى صناعة المواطن العارف الصالح لنفسه و لوطنه . و ترمي كذلك إلى تحمل المجتمع مسؤولية بناء نفسه بمعية المؤسسة التعليمية التي هي منه و إليه. و من ثمة ، فالمهام ُتقتسم فيما بين المتدخلين سواء الأساتذة أو التلاميذ أو نساء أورجال الإدارة أو مجلس التدبير أوجمعية آباء و أولياء التلاميذ أو السلطة أو الجماعات المحلية أو فعاليات أخرى من المجتمع المدني ، نفس الشيء بالنسبة لوسائل العمل و البنيات كما تُوضح المسؤوليات و الوظائف وتنظم الموارد الممكنة في إطار خطة عمل مشتركة أساسها الإصغاء و التفهم و الثقة والتعاون والواقعية والاعتراف والإنصاف.
* على المستوى الإجرائي :
إن الانتقال من مرحلة النتظير إلى مرحلة التنفيذ ، عملية تتطلب من الإدارة التربوية وضع برنامج تنشيطي لاستنفار الجهود ، أساسه تفعيل نظام إشراف ومراقبة لخط العمل المرسوم لتحقيق الأهداف المنشودة ، و ذلك باستعمال كل المحفزات الممكنة و تبني سياسة التشاور في كل مراحل الإنجاز ، مع إيلاء الكفاءة و الخبرة و الفعالية و التمثيلية للجنسين ما تستحقه من اهتمام ، على اعتبار أن المقاربة التشاركية تعتمد نبذ البيروقراطية و تتجاوز الاتكالية و تقوم على الأخذ والعطاء و الإسهام الفعال لكل الأطراف و مصاحبة المدبر للشأن التربوي و دعمه في ما يخدم مصلحة المؤسسة .
ليس نظام المراقبة في المقاربة التشاركية ، بمثابة وصاية تلغي الآخر و تسن الطروحات الجاهزة ، بل هو استحضار واع لمحدودية الجهد البشري و طاقته ، ومعاينة بناءة لممارسة الفاعلين و نظرة نقدية أساسها تقدير الجهود و التساؤل بمرونة حول النتائج الملحوظة بالمقارنة مع الأهداف المسطرة . كما أنه مجال لطلب أراء المعنيين بالقرارات المهمة و أخذها بعين الاعتبار مع مراعاة متطلبات المؤسسة.
إن نجاح أي مشروع على المستوى الإجرائي ، رهين بمدى فاعلية آليات التنفيذ لما سبقت برمجته ، و لكنه و بدرجة أكثر أهمية رهين بأسلوب الإدارة التربوية في اسنتهاض الهمم و تحسيسها بالانتماء و الجدوى ، فهل ياترى يتأتى لها ذلك ؟ أم أن هناك إكراهات تجعلها كثور المصارعة ، ما إن يلج حلبة الصراع و يهفو صادقا لإثبات ذاته ، حتى ينغرز قرناه في ملاءة حمراء تحجب الفراغ .
التدبير التشاركي بين الإطار المرجعي و إكراهات التحقق :
إن التدبير التشاركي كاختيار، معناه ممارسة المسؤولية في مفهومها الجديد ، المبني أساسا على قيم الإنصات و الانفتاح على الواقع ، و الحوار مع مختلف الفاعلين ، و الإبداع و الاجتهاد في ابتكار الحلول الناجعة للقضايا و الإكراهات المطروحة ، لكن ، هل هذه الممارسة ، تستطيع أن تمضي في أجرأة ما جاء به الإطار المرجعي ، دون أن تصطدم بعراقيل و إكراهات ، تتجاوز إمكانات الإدارة التربوية و تقف حجر عثرة أمام مساعيها للإصلاح المنشود ؟ بالطبع لا فهناك إكراهات كثيرة سواء على المستوى المادي أو المعنوي نذكرمنها :
* بعض الإكراهات المادية :
إن البنيات التحتية لمؤسساتنا التعليمية ، بنيات في غالبيتها لا تتماشى و مضمون الميثاق الوطني للتربية و التكوين في الدعامة 16 الخاصة بتحسين التدبير العام لنظام التربية و التكوين و تقويمه المستمر ، فالمادة 159 تقول : " يشترط في كل البنايات و التهيئات الجديدة ، على جميع مستويات التربية و التكوين ، أن تستجيب لمعايير جديدة ، محينة و متكيفة لتلائم خصائص كل وسط من النواحي البيئية والمناخية و الاجتماعية و الثقافية . و يتم لهذا الغرض إعادة النظر في معايير المؤسسات و مستلزماتها الوظيفية ، و مواد البناء و التجهيز المستعملة ، وتقدير مدة الاستعمال المحتملة على أساس التوقعات المتعلقة بالنمو الدموغرافي واتجاهات الهجرة" لكن و للأسف فالمؤسسات القديمة تفتقر لكل المقومات التي تجعلها فضاء صحيا للإصلاح المنشود بل إن اهتراء المرافق و تقادم التجهيزات إن لم تنعدم بمعظمها و خاصة في العالم القروي تزيح عنها كل تجليات الحرمة والاعتبار. ثم إن غموض الدور الذي يمكن أن تلعبه الإدارة التربوية في هذه الوضعيات في غياب توفرها على مرجعية تشريعية من جهة وتكوينية من جهة ثانية يجعلها مهيأة قبل غيرها للتردد و الإحجام .
إن هزالة التعويض و انعدام المحفزات الإدارية و المادية و كثرة المهام و تعدد المسؤوليات دون ضمانات وظيفية تجعل الإدارة التربوية في لبس حول حدود دورها الحقيقي ، أين يبدأ وأين ينتهي ؟
من جهة أخرى ، يبقى الجانب المادي الآخر المتعلق بالسيولة ، رهين بمدى جاهزية الفاعلين للانخراط والمبادرة ، على اعتبار أن المداخيل التي تتحصلها التعاونيات لا ترقى إلى مستوى تغطية مشاريع كاملة الأركان . و على اعتبار أن السؤال الذي تواجهه الإدارة التربوية في بحثها عن الموارد،هو ماهو المقابل الذي تمنحه المؤسسة التعليمية لشركائها في مجالات الدعم المادي ؟ في ظل الواقع المعيش الذي بات يتهمها بتغذية البطالة و تعطيل فرص التفكير في بناء المستقبل عبر قنوات لامدرسية .
و تجدر الإشارة هنا ، إلى القنوات المتواجدة فعلا في الساحة التربوية ، كجمعيات الآباء ومجالس التدبير و الجماعات المحلية ، و هي كلها قنوات لم تستطع لحد الآن ، الاندماج بشكل صريح وكلي في المنظومة أو السعي لمأسسة التعاون المشترك ضمن مشاريع للتنمية المندمجة ، بل إن بعضها يشكل إكراها في حد ذاته ويقف حجر عثرة أكثر مما يفيد. و تبقى المساهمات المادية في مشاريع التربية والتعليم مرتبطة بالميولات و الخلفيات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تحكم الجهة المبادرة ، بل إن الطابع التسولي الذي يطغى على مساعي الإدارة التربوية في خلق و استكشاف الموارد ، يسيء لموقع المؤسسة التعليمية في وجدان المجتمع و يجعلها تحيد عن الهالة المعنوية التي كانت لها في الذاكرة الشعبية .
و تجدر الإشارة كذلك لنظام SEGMA المقرر للثانويات و الذي و إن كانت هيئة الإدارة التربوية تثمنه إلا أنها تلتمس توضيحه وتعميمه على باقي المؤسسات بمختلف الأسلاك وتدعو إلى مصاحبته بتكوين إداري و مالي موازي .
* بعض الإكراهات المعنوية :
لاشك أن الوضع الاقتصادي للأسرة المغربية ، و تدني الدخل و انتشار الفقر والبطالة بنوعيها و ضيق الآفاق و أمور أخرى لا يتسع المجال لسردها،انعكست سلبا على المناخ السوسيوثقافي و من ثمة إلى المنابر الرسمية لتصدير المعرفة التي تُمثل ـ شاءت أم أبت ـ واجهة النظام الذي يدبر شؤون البلاد ، و بالتالي ، فإن عملية إسقاط للغضب المجتمعي على الأنظمة ، تتم دائما من خلال إيذاء مؤسساتها القريبة و السهلة المنال ، فالتخريب و التطاول وعدم الاحترام الذي يطال غالب المؤسسات ، وذلك في غياب سياسة أمنية مندمجة ، يجعل الإدارة التربوية في عزلة تامة أمام الآخر ، هذا الآخر الذي يتخبط في الأمية والفراغ المعرفي وغياب ثقافة التشارك من منظومة السلوكات السائدة ، بل غيابها حتى من المقررات التعليمية التي لا تزال " تركز على هدف رئيسي واحد ، هو تمكين المتعلم من النجاح في الامتحانات ، وهذه الامتحانات بقيت بصورة عامة محور النشاط التربوي بعيدة عن جوهر الحياة خارج المدرسة "9 نفس الشئ بالنسبة للأساتذة ، الذين في غياب التكوين والتحفيز و الاعتراف ، يعتبرون أن حدود مشاركتهم في العملية التعليمية التعلمية لا تتجاوز جدران فصولهم ، حتى إنهم إن بادروا ، كان ذلك باحتشام ، و اكتنفت مبادراتهم تأويلات سلبية .
إن أخطر ما تواجهه الإدارة التربوية في ممارستها اليومية، هو تناقص الإحساس بالانتماء لدى معظم الشركاء المفترضين و المحيط، وهي ظاهرة خطيرة، لها انعكاسات سلبية على كل مبادرات التنمية، بل إنها تتجاوز التشويش على برامج المؤسسة التعليمية إلى المؤسسة الأسمى و هي الوطن. بالمقابل تقف سلطات الوصاية موقف المُنظر الذي يحس به الممارسون في كثير من الأحيان ، و كأنه يستقي أفكاره وطروحاته من كوكب آخر لا يمت لواقعهم بأية صلة ، بل إنه غالبا ما ينهى عن أمور و يأتي مثلها ، و لعل منتديات الإصلاح في شكلها الحالي، خير مثال على هذا النهج ، بحيث تُفترض المشاكل و تُفرض طرائق مناقشتها من القمة على القاعدة ، و الأوْلىَ أن يتم تجميع المشاكل مصنفة من لدن القاعدة التي تعايشها ميدانيا لعرضها على القمة قصد التباحث في حلولها الممكنة ، و بالتالي ، فإن التدبير التشاركي بدوره، و في غياب مشروع واضح و ملزم للتنمية المندمجة، يبقى حبيس إطاره المرجعي مادامت الأرضية غير مهيأة شكلا و معنى .
خلاصة :
لا أحد يشكك في حب المغاربة لوطنهم ، و قد أثبتت ذلك التجارب ، قد تكون هناك اختلالات في مواقع ما ، و قد تتقاعس بعض الهمم ، لكن شمس المغرب حين تسطع ، لا تستبقي على ثراها ثغورا مدلهمة ، و هنا لا أجد ما أختم به غير مقولة لجمال بنجلون وردت ضمن مقتطفات من كتاب "المسيرون و التغيير بالمغرب" لعبد الكبير مزوار و جان بيير سيميريفا يقول فيها :
" ليس التغيير مجرد فعل يحده الزمان أو مجرد قرار إداري، بل هو قناعة، فكر، وضرورة يحس الجميع بالحاجة إليها" و السلام.

ذعبد السلام عبلة
المنسق الجهوي لسكرتارية هيئة الإدارة التربوية
جهة الشاوية ورديغة

الإحالات المرجعية :
1 ـ 2 ـ الإدارة التربوية في صلب التنمية البشرية ـ مقالة لنورالدين الجعباق موقع : بريد تطوان ـ تربية و تعليم
3 ـ4 ـ 6 ـ7 مقاربة الجودة و الملاءمة في الإدارة التربوية ذ نور الدين العوني
5 ـ الميثاق الوطني للتربية و التكوين الدعامة 16 المادة 154
8 ـ كتيب الإطار المرجعي للتدبير التشاركي ـ وزارة التربية الوطنية
9 ـ لماذا فشلت التربية في بناء الإنسان العربي أ ـ د صابر جيدورـ كلية التربية ـ دمشق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دور الإدارة التربوية في التدبير التشاركي للمؤسسات التعليمية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعية المغربية للغويين والمبدعين  :: فضاء عام :: المنتدى التربوي-
انتقل الى: