الاطلال لمصطفى ملح

لَقَدْ كُنْتُ مَنْشورَ الجنـاحِ بإيمانـي = وقد صِرْتُ مَقْبوضَ الجناحِ بأَشْجاني
أَلا لَيْتَ شِعْري كَيْفَ أَخْدَعُ مُهْجَتـي = بِفَجْرٍ عَريضٍ أَخْضَرِ اللَّـوْنِ فَتَّـانِ
مَضى زَمَنٌ لَمْ تَلْهُ فيـهِ جَوانِحـي = ولمْ تَبْتَسِمْ في عَتْمَةِ العُمْرِ عَيْنـانِ
وهذي اللَّيالي لَمْ تُضِئْهـا فَوانِـسُ = وَلمْ يََشْتَعِلْ فـي غَيْمِهـا المُرِّ بَرْقانِ
وكُلُّ العَشِيَّاتِ التي نورُها انْطفا = تَغَطَّتْ بِلَيْلٍ ناعِسِ الطَّرْفِ وَسْنـانِ
كَأَنّي بَقايا الوَشْمِ في مِعْصَمِ الدُّنى = تُلَمِّعُهُ الحِنَّـاءُ فـي ثَـوْبِ كًَتَّـانِ
فَتىً ذَبُلَتْ أَزْهـارُهُ تَحْـتَ أَشْمُـسٍ = فَصارَتْ رَميماً في حَرائِقِ أَوْطـانِ
أَلَـمْ أَكُ قََلْبـاً للمَدينَـةِ خَافِقاً = أَلَمْ أَبْنِ عُشّي من دَمِ الغَسَقِ القاني؟
أَلَمْ تَـكُ أَنْفاسـي نَسيـمَ هوائِهـا = وأَنْفاسُها ثَـوْبَ المَحَبَّـةِ وارانـي
أَلَمْ يَكُـنِ المَـلاّحُ نَجْمـاً يُنيرُنـي = وَأَحْجارُهُ ذاتُ النَّمـارِقِ تَرْعانـي؟
كـأَنَّ خُيـولَ البُرْتُغـالِ صَهيلَهـا = يُغَطّي مَرايا الوَقْتِ بالحَجَرِ الفانـي؟
تَرَكْتُ لَكُمْ جَفْـنَ المَدينَـةِ دامِعاً = تَرَكْتُ النَّدى يَنْسابُ من ثَدْيِ تِحْنانِ
إِذا النَّفْسُ حَلَّتْ بالبِـلادِ فَإِنَّمـا = مُقامي قَصيرٌ وَالخَرائِـبُ عُنْوانـي
أَنا الكائنُ المَنْفِيُّ ما نَفْعُ شِعْرِنا = إِذا ما اللّيالي مَزَّقَتْ خَيْـطَ أَوْزانـي
وإِنّي وَحيـدٌ فـي الفَـلاةِ أَجُوبُهـا = بِلا خَيْمَـةٍ أَوْ نَخْلَـةٍ بَيْـنَ كُثْبـانِ
يُعاتِبُني مَنْ قدْ رأى فيضَ أَدْمُعي = ولَكِنَّني أَبْكي على تـاجِ سُلْطانـي
أَوَدُّ لَوِ الدَّمْعـاتُ أَحْبِسُ صابِراً = ًولَكِـنَّ ميـلادَ العَشِيّـاتِ أَبْكانـي