هدية للوهم.
________________________________________
لأن الشاعر رقيق ،مرهف ،جميل ، صدقوه.
سلموه مفاتيح قلوبهم...
دسها في جيوبه ، أذابها...
من معدنها صنع مفتاحا واحدا هدية للسلطان.
منتهزا لحظة الانقضاض ، فتح الصندوق الصغير ليلقي نظرة أخيرة على صيده الثمين...
لم يجد غير مرآة تعكس وجها ليس له.
عانق خيبته واختفى.
ذكرى لم تمت...
________________________________________
كثيرة هي الأشياء التي تتلفها الذاكرة قصدا، لكنها احتفظت بتلك الصورة عنوة وبسوء نية...
متظاهرون يقتحمون المتاجر ،آخرون يتنافسون على فتح خزائن الأبناك على قارعة الطريق بالفؤوس والمطارق...طفل صغير يتسلل بين الأرجل ليظفر بقطعة حلوى من دكان مغتصب.
تظهر سيارات خضراء كبيرة توزع الموت بانتظام...
قبل أن يطلق الطفل رجليه للريح، كانت رصاصة غير طائشة تخترق حنجرته لتخنق الحلوى قبل وصولها إلى المعدة.
مدينة الأشباح .
________________________________________
حديقة متوحشة..مسجد صغير يشع منه نور خافت..حانة مظلمة..خان للشهوات المكبوتة في الذاكرة..صراخ امرأة يتسلل من بيت عتيق..أطلال مصنع موصد..شخص ما في زمن ما يقف على قارعة الطريق المقفر...
صور كثيرة تجذبه..ظلام كثيف يلفه...خوف ، رغبة في سبات أبدي ، لذة مدفونة بين الأنقاض ، بركان صامت وفراغ...
تتململ القدمان في اتجاه آخر باحثة عن حقيقة مدفونة هنااااااااااااااااااااااااااك.
إليك عروستي...
امتزجت الزغاريد بصوت الرصاص...
تمدد جسد العريس مضرجا بدماء الغدر.
على الرصيف الأخر، من ذرات الضباب الكثيف ...
كانت المدينة تهدي شبابها للعروس.
حلم يكرر نفسه...ابراهيم ابويه..ق ق ج.
________________________________________
من عادته أن لا يحلم كثيرا ،لذلك أدمن على السهر هروبا من الكوابيس.
حجة النوم كانت أقوى،فاستسلم لها مرغما...
رأى في المنام حبيبته تصارع موج البحر المتلاطم من كل الجهات...خندق سحيق يمنعه من احتضان الماء لإنقاذها .صوتها يصطدم بصوت النوارس ،ليغدو نشيدا للموت القريب.
يتحول الخندق إلى صحراء قاحلة ثم إلى أدغال متشابكة ،تغيب صورتها فجأة عن عينيه ،يصرخ عاليا يناديها...
تمتد يد حنون لتتلقف صراخه ،يفتح عينيه على وجه أمه ،وتلتقط أذناه أصواتا نائمة في جحيم الذاكرة.
عنف المكان..ابراهيم ابويه
________________________________________
حين التفت وراءه ،أبصر سوطا يرسم تفاصيل البلاد على جسد.
رأى فيما يشبه حلم اليقظة وجه أمه شاحبا.
التصقت قدماه بالأرض ،لكنه انتزعهما بقوة.
استدار بما يشبه العنف ،مزق الوجه النائم على بطاقة الهوية،وضع رجله اليسرى في البحر وأغمض عينيه الدامعتين...