الجمعية المغربية للغويين والمبدعين
الجمعية المغربية للغويين والمبدعين
الجمعية المغربية للغويين والمبدعين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجمعية المغربية للغويين والمبدعين

ابداع بلا حدود
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولالعقد الفريد

 

 ما بين فوكو ونيتشه، الأصول البعيدة للفكر ما بعد الحداثي: رضوان جودت زيادة منقزل-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالغني صراض
مدير عام
عبدالغني صراض


عدد المساهمات : 35
نقاط : 89
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

ما بين فوكو ونيتشه، الأصول البعيدة للفكر ما بعد الحداثي: رضوان جودت زيادة منقزل- Empty
مُساهمةموضوع: ما بين فوكو ونيتشه، الأصول البعيدة للفكر ما بعد الحداثي: رضوان جودت زيادة منقزل-   ما بين فوكو ونيتشه، الأصول البعيدة للفكر ما بعد الحداثي: رضوان جودت زيادة منقزل- I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 09, 2010 6:12 pm


فمن الممكن القول إن المشروع المعرفي لفوكو يقترب من نيتشه أكثر مما يقترب من كانط أو هيغل، وذلك لتساؤله عن إرادة المعرفة أكثر من تساؤله عن المعرفة ذاتها. فمشكلة فوكو سياسية تاريخية أو تاريخية سياسية، وليست منطقية أو معرفية صورية، ومن هنا يتخلى فوكو عن البحث في ما هو حقيقي وموضوعي ويرتبط أكثر بمختلف الممارسات الخطابية التاريخية. هذا على المستوى المعرفي، أما على المستوى العلائقي فإن فوكو كان دائماً يصرح بأن علاقته مع نيتشه تعود الى سنة 1953وأنه مجرد "نيتشوي" كما أن العديد من الباحثين قد توقفوا عند هذه العلاقة ودرسوا جوانبها المختلفة. وأول أوجه المقاربة بين نيتشه وفوكو يكمن في استخدام فوكو للجينيالوجيا من نيتشه بما تعنيه من استخفاف بالأصل ورفض له فالأصل الأسمى عبارة عن فائض ميتافيزيقي، ولذلك ينتقد نيتشه مختلف معاني الأصل من معنى خلافة الإنسان الى معنى السلطة وسيادة الإنسان بدلاً من المنشأ الإلهي مروراً بالأصل بمعنى موطن الحقيقة، ذلك أن وراء كل حقيقة مهما تكن راهنة مقيسة كثرة كاثرة من الأخطاء، فلا يصدقن أحد أن الحقيقة تبقى حقيقة، ونحن نرفع عنها الحجاب. إن تبني فوكو لهذا المنهج الجينالوجي في تحليل خطابه هو الذي انتهى به الى إعلان موت الإنسان على اعتبار أن مفهوم الإنسان اختراع تاريخي ابتدأ مع بداية ظهور العلوم الإنسانية عندما جعل الإنسان نفسه موضوع الدرس، لذلك فهو اكتشاف حديث النشأة ومن الممكن ان تكون نهايته قريبة فنهاية الإنسان تتعلق بولادته. فالإنسان لم يكن موجوداً في القرن السابع عشر أو الثامن عشر، فالعلوم الإنسانية لم تكن قد بدأت تظهر تحت تأثير عقلانية ملحة أو مشكلة علمية لم تلق حلاً، أو لسبب عملي آخر، فإدخال الإنسان طوعاً أو كرهاً، تم يوم فرض الإنسان نفسه في الثقافة الغربية باعتباره هو ما يجب التفكير به وهو ما يجب أن يعرف في آن معاً، فالبروز التاريخي لكل من علوم الإنسان حصل بالتزامن مع مشكلة ما، أو حاجة ملحة أو عقبة نظرية كانت أم عملية، كل ذلك جعل تحول الإنسان الى ظاهرة خالصة، فرداً أم مجتمعاً أمراً حادثاً، فقد أصبح موضوعاً للعلم لأول مرة منذ ظهور البشرية. لا بد أن نؤكد بداية على ما كنا قد ذكرناه سابقاً وهو رفض فوكو المستمر لاعتباره بنيوياً وإن كانت أطروحات دوسوسير اللغوية محط اشتغال فوكو في الكثير من أعماله لا سيما كتابه الأبرز (الكلمات والأشياء) كما أنه وبنفس الوقت تعامل مع مقولات كانط النقدية دون أن يجعل منه تعامله هذا كانطياً جديداً كما هي حال التيار الذي تزعمه الفريد نورث هوايتهد، فأدق وصف له أنه كان كاتباً مهجناً كما وصفه ادوارد سعيد، مما جعل كتاباته نيتشوية وأحدث من الحداثة نفسها، فهي ساخرة ومتشككة وعنيفة في راديكاليتها، إنها تملك جرساً خاصاً يجعل منها نسقاً ثقافياً متميزاً. ضد التاريخ ففوكو قرأ التاريخ لكن دون أن يسكن أو يمكث فيه، مما جعل البعض يتهمه بأنه ضد التاريخ، لكنه كان يمتلك مفهومه الذاتي عن التاريخ بوصفه تحليلاً للتحولات الفعلية للمجتمعات نافياً عنه مفهومي الزمن أو الماضي ورابطاً إياه بمفهومي التغير والحدث. فهدف البحث التاريخي هو أن يدرس التحولات والشروط التي تتم فيها هذه التحولات بالفعل وإقامة جملة من العلاقات انطلاقاً من الوثائق التاريخية المعطاة، مما ينفي عن التاريخ صفته التسلسلية التي أدت الى تذويب الحدث لصالح التحليل السببي في حين أن التاريخ يجب أن يعنى بالكشف عن طبقات الأحداث التي تتضاعف والبحث داخله عن أنماط الحقب المختلفة، فالتاريخ ليس حقبة واحدة بل كثرة من الحقب المتوالية والمستترة الواحدة خلف الأخرى، لذا وجب استبدال المفهوم القديم للزمن بمفهوم تعدد وتكاثر الحقب. وبقدر ما امتلك فوكو مفهوماً خاصاً عن التاريخ حاول أيضاً أن يبلور رؤية جادة لمفاهيم أخرى تحولت في الفكر الغربي الى أقانيم ثابتة وناجزة لا تمس، كحقوق الإنسان والعنصرية السياسية وغيرها، وهذا ما دفع أحد المحللين النفسيين الى القيام بعملية تقريب بين كتاب فوكو (الكلمات والأشياء) وكتاب (كفاحي) لهتلر وانتهى الى وجود تعارض بين فوكو ومفاهيم حقوق الإنسان. الا أن فوكو في كتابه (ينبغي الدفاع عن المجتمع) قرأ مفهومي حقوق الإنسان والعنصرية بشكل مختلف، معتبراً أن "العنصرية هي، حرفياً، الخطاب الثوري، ولكن مقلوباً" وبدأ فوكو يتحدث عن ما يسميه بعنصرية الدولة التي هي عنصرية بيولوجية وممركزة، والنازية استعادت لحسابها الموضوعة المتحدثة عن عنصرية الدولة المتعهدة لحماية العرق بيولوجياً، ثم عادت واستخدمت العنصرية داخل خطاب رسولي مستثمرة الأسطورة الشعبية التي أتاحت الفرصة في لحظة معينة لنشأة موضوعة الصراع بين الأعراق. أما العنصرية السوفياتية فسيكون لها طابع درامي أو مسرحي وفق نزعة علموية عندما أعادت الخطاب الثوري المتمحور حول الصراعات الاجتماعية الى إدارة شرطة تتعهد الصحة الصامتة لمجتمع منظم، وما كان الخطاب الثوري عدواً طبقياً سيصبح في عنصرية الدولة السوفياتية نوعاً من الخطر البيولوجي. إنه المريض والمنحرف والمجنون، وهذا سيكون مدخل فوكو لتشريع مفهوم السلطة، فمن خلال مؤسستين كبيرتين هما السجن والمشفى اسس فوكو مفهوماً جديداً للسلطة متكئاً على نيتشه في كثير من آرائه فقد عمد فوكو إلى تحليل السلطة وأقامها على أساس مبدأ القوة الهدف الأساسي للخطاب الفلسفي حسب نيتشه، فولادة السجن وظهور المصح العقلي لم يكن نتيجة رغبة المجتمع في إدماجهما في علاقاته بقدر ما هدف الى عكس ذلك تماماً وهو حجر تلك الفئات التي لا تملك عملاً أو وظيفة وبالتالي ظهورها كرقم متزايد في آثار البطالة لا سيما مع بروز الأزمة الاقتصادية الحادة التي عرفتها أوروبا في بداية العصر الحديث مما سمح لنزعة اقتصادية هي الماركنتيلية باقتراح فكرة بناء المعازل، وهو لذلك ينهي بأن سلسلة من الأحداث الاقتصادية والسياسية والمؤسساتية والقانونية جعلت من الجنون مرضاً عقلياً، والأمر نفسه جعل من السجن عقاباً بديلاً من التعذيب ـ الممارسة الشائعة لدى المجتمعات فلم يتم التحول من التعذيب الى العقاب بسبب النزعة الانسانية للأنوار، وانما تم التحول لأسباب سياسية تتمحور حول ظهور ما يسمى بأزمة التعذيب والمؤشر الأساسي لهذه الأزمة هو حضور الشعب كشاهد على مشهد الفظاعة، فهذا الحضور هو المشكلة، ومشكلته انه حضور ملتبس، اذ كثيراً ما ينقلب مسرح التعذيب من العبرة الى التعاطف، ومن الانتقام الى التسامح مع المجرم، وخاصة عندما يعلم الشعب ان العقوبة جائرة وان الحكم ظالم وهكذا يتحول المجرم الى بطل ويبدأ التضامن معه، ومن هنا نشأ مفهوم السجن العقابي، بعد ذلك خضع السجن نفسه لكل التحولات الاجتماعية إلا انه ورغم ذلك كله لم يستطع ان يحقق غايته التي تتعلق بإصلاح الفرد وخفض معدل الجريمة، بل إن مهمة السجن تحولت الى صنع الجانحين. نظرية سياسية وهكذا تمكن فوكو من قراءة مفهوم السلطة وفقاً لتمظهراتها السياسية والاجتماعية كما تجلت في مؤسستي السجن والمصح العقلي بما دفع دولوز الى اعتبار أن فوكو قد ابتكر بذلك مفهوماً جديداً للسلطة كان الجميع يسعى اليه، ولكن هل انتقل فوكو من ابتكاره لمعنى السلطة الى صياغة النظرية في السياسة؟ طالما انه كان يستعيد مقولة كلاوزفيتس بشكل معكوس مراراً، فإذا كان كلاوزفيتس يرى ان الحرب هي استمرار للسياسة ولكن بشكل آخر فإن فوكو يرى في السياسة حرباً ولكن من نوع مختلف، في الواقع كان فوكو يصر باستمرار على عدم امتلاكه نظرية سياسية وذلك بحكم منطقة الرافض للرؤى الكلانية والشمولية وهذا ما سيستثمره مفكرو ما بعد الحداثة فيما بعد في نظراتهم السياسية، لقد كان يهدف كما يقول ليس صياغة نظرية منتظمة وشاملة تضع كل شيء في مكانه، وانما تحليل خصوصية آليات القوة وبناء معرفة استراتيجية شيئاً فشيئاً. لذلك فمن السهولة أن نصل الى استنتاج بسيط مفاده رفض فوكو المطلق للدولة ذات السيادة او للطبقة الحاكمة وبالتالي فهو لا يؤمن بثورة ديموقراطية، لأن العامة لا توجد في عالمه السياسي، وهو بالتأكيد لا يؤمن بالطليعة الثورية، لأن الطليعة ليست سوى الملك مخفياً، مدع آخر للقوة الملكية، ولذلك وصفه نقاده بالسلبية تجاه احداث مايو (أيار)1968 دون أن يأخذوا بعين الاعتبار تصوره عن المثقف، اذ يرى ان صيغة المثقف الطليعي مالك الحقيقة والعدالة وضمير المجتمع وممثل الكل قد ولى، وحل محله عصر العالم المتخصص في ميدان محدد ومجال معين، ولذلك لا يتمثل دور المثقف حالياً في ان يحدد للآخرين ما يجب فعله، أو أن يعمل على تشكيل الإرادة السياسية للآخرين، بل يكمن دوره في إعادة مساءلة البديهيات والمصادرات عن طريق التحليلات التي يقوم بها في المجالات الخاصة به، وفي زعزعة العادات وطرق العمل والتفكير، وفي تبديد المألوف المسلم به، وفي استعادة حدود القواعد والمؤسسات وفي المشاركة من اجل تكوين ارادة سياسية ترفض السلطة بكل أشكالها وأنواعها وتجلياتها. فتحليل فوكو لكل من السياسة والسلطة ودور المثقف يتكامل بحيث يخرج برؤية يمكن وصفها بأنها متقاربة، حيث السياسة لديه رفض للثورة بكل منطلقاتها وهي لذلك تنحصر في العناية باصلاحات الضبط الاجتماعي، حيث نشأت السلطة، وهو لذلك يستطرد في اطلاق أوصاف على المجتمع من مثل "المجتمع التأديبي" او "المجتمع الانضباطي"، او النظام الكلي الرؤية، وأكثر الوصوفات ترويعاً هو "الارخبيل السجني"، ومنطلقه في هذه التسمية هي اعتبار ان نظام الضبط في السجن لا يختلف عن غيره في المجتمع في كونه يمثل استمراراً وتكثيفاً لما يجري في اماكن مجتمعية اعتيادية، ولذلك ينحصر دور المثقف في فضح هذه العلائق السلطوية المتشابكة وتظهيرها وإبرازها من الخفاء الى العلن، وما دام المثقفون يصرون على لعب دور المبشر الكلي فإن خطابهم هذا يعكس كونهم جزءاً من نسق السلطة نفسها، وفكرة كونهم عملاء لهذا الوعي المكتوم أو الخطاب المضمر هي في حد ذاتها فرع من هذا النسق كما عبر فوكو نفسه في أحد حواراته مع جيل دولوز حول علاقه المثقف بالسلطة، فدور المثقف إذاً ليس للتموقع قليلاً في الأمام أو قليلاً بجانب لكي يقول الحقيقة الصامتة للجميع، وإنما النضال ضد أشكال السلطة والعمل من أجل إظهارها ومباشرتها. ما بعد الحداثيين فرادة فوكو تنبع من اختلافه وتميزه في النظر الى المسلمات أو اليقينيات ولذلك وجد ما بعد الحداثيين فيه معلماً بامتياز وهادياً الى أسلوب في القراءة لا يشكك في ما يراه أو يقرأه فحسب بل ويتبع ذلك في التشكيك بأصوله وعلائقه ونهاياته، وهو ما نلحظه لدى تتبع فوكو في تعاطيه مع الحداثة كمرتكز فكري غربي وفي تعامله مع رموزها القائمين ككانط وديكارت وغيرهما. يقرأ فوكو في إحدى دراساته نص كانط الشهير (ما الأنوار) الذي دشن عصر الحداثة وابتدائها، فنراه يصف كانط بوصفه "لغزاً فلسفياً" لأنه يمثل نقطة تمركز الحداثة نفسها الأبستيمية والأنطولوجية ثم يسعى جاهداً الى التخلص من الوجه الأول للحداثة القائم في المركزية الأنثربولوجية الغربية التي رسختها الكشوفات الأركيولوجية، لكنه بالمقابل يثمن الوجه الثاني المرتكز على المعرفة، وذلك يؤسس فوكو في قراءته لكانط ما يسميه بصراع حداثات، فربما كان كانط المؤسس الحقيقي للسلسلة الأبستيمية للحداثة، لكن لا يمكننا إعطاء القيمة الفضلى لكانط وتجاهل نصوص أخرى اقتصادية وبيولوجية وأدبية، قد تم تحليلها بمستوى النصوص الفلسفية ذاتها، وبذلك فإن فوكو لا يقرأ الكانطية باعتبارها حدثاً فلسفياً، ولكن باعتبارها حدثاً أركيولوجياً، محصوراً في علاقته مع باقي الأشكال النصية للمعرفة ويخالف بذلك هيدغر الذي يرى في كانط الدافع الى الحداثة الفلسفية لكن فوكو يعترف بأن فلسفة كانط هي أول فلسفة ربطت صورة الإنسان بتحليلية النهاية، من حيث التفكير في الإنسان بكونه ثنائية تجريبية متعالية، وهذا سمح لنيتشه أن يضع حداً لتعدد التساؤل الكانطي حول الإنسان، فموت الله يدل على موت الإنسان مقابل "الإنسان الأسمى" وهكذا ففوكو يستعيد نيتشه من أجل قراءته كانط، وهو ما يعيده ويكرره لدى دخوله النقدي مع نصوص ديكارت فديكارت المبتدئ من الشك من أجل البحث عن الحقيقة والتي يأمل بوجودها باستمرار. يقابله فوكو بأن الحقيقة نفسها مطلب وهمي، إذ هي لا توجد أو لعل الذي يوجد هو مجرد أفق لحقيقة أو تعددية الأفق لا أكثر فهي ضرب من الرغبة ولا تتجاوز ذلك، رغبة تقيم داخل هذا الكائن، أما الأكذوبة الثانية لديكارت فهي ما يحاول إيهامنا به من إمكان الذاتية، على اعتبار أن الذاتية ترد الى أنها معرفة لذواتنا ثم تتحول هذه الأخيرة الى مشروع إنجاز فكر فلسفي يقام على دعامة أن الإنسان ذات قادرة على بناء حقائق وامتلاكها وهنا تكمن "وهمية" المشروع الديكارتي كنمط يطمئن الى الإرادة، في حين أن فوكو من منظور نيتشوي يقرر أنه لا يمكن أن نرتد الى إرادة واحدة، بل تتداخل داخلنا الإرادات وحين نتأكد من ذلك تلغي مشروعية الكوجيتو الديكارتي القائم على أحادية الإرادة ويتأكد عندها حسب نيتشه أن ديكارت كان مخادعاً لـ"الإنسان الغربي" على حد تعبير فوكو. أما ثالث مواقع النظر النيتشوي لديكارت حسب فوكو فيتعلق بتلك العلاقة التي يضعها ديكارت بين الإنسان والعالم وما تحمله من نظر تهميشي للعالم، فالديكارتية تبسيط للعالم. في حين أن العالم هو واقع مثقل بالغرابة والفروض والإشكال وفق نيتشه، فهذه الاعتبارات المتعددة حدت بنيتشه ودائماً وفق فوكو الى رد الديكارتية الى مسار لاديكارتي بل سابق عنه من مرجعيات مسيحية من جهة ضمن الفصل بين عالمين، ثم يضيف اليه بعض الافلاطونية، فديكارت يعطي صورة اصلية وامينة عن فلسفة لوثر، وباختصار، كان ديكارت حسب نيتشه نسيجاً مركباً من أفلاطون أولاً ولوثر ثانياً. فديكارت لم يكن سوى صدى لماض وتكرار ساذج وسالب لفكر ماض، الا ان ذلك لا يمنع حسب فوكو من ان نيتشه يعترف لديكارت ـ ضمن موقعه الحداثوي ـ بأنه أضفى على الفكر الكلاسيكي منزعاً علمياً "فديكارت هو سقراط يقيم بيننا" كان يقولها نيتشه ويكررها فوكو، واذا كان اشتغال فوكو على الفلاسفة السابقين له حمل معه نكهته الخاصة به فإن ابتكاره لحقول فلسفية بكر لم يطأها احد قبله هو الذي أعطاه صيغته الخاصة او دمغته التي طبعت الفلسفة بعده، لم تعد الفلسفة بعد فوكو كما كانت قبل وجوده او حضوره، فربما لم يكن فوكو ما بعد حداثياً لكنه كان حلقة الوصل الضرورية الوجود من اجل ان يصل هذا التيار الى غاياته ونهاياته، فلم تأت كتابات فوكو لتبشر بعصر الحداثة البعدية فحسب، وانما كانت اول تحققاتها التطبيقية كما يؤثر مطاع صفدي ان يقول، فقد جاء فوكو ليفتتح كتابه المتناهي كما عبر هو نفسه (إن تناهياً بدون لا تناه، انما يعني ولا شك انه تناه ما كان لينتهي ابداً وهو دائماً في حال تأخر بالنسبة لذاته، متبقياً له ايضاً بعض ما يفكر به، في اللحظة ذاتها التي فيها يفكر، ومتبقياً له دائماً من الوقت ليفكر من جديد فيما كان فكر فيه). "المستقبل"

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ما بين فوكو ونيتشه، الأصول البعيدة للفكر ما بعد الحداثي: رضوان جودت زيادة منقزل-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعية المغربية للغويين والمبدعين  :: ثقافة و فكر :: فضاءات فلسفية-
انتقل الى: