مقترح الورقة التأسيسية للجمعية المغربية للغويين والمبدعين

مقترح الورقة التأسيسية للجمعية المغربية للغويين والمبدعينن (كتبها حسن عبيدو)


مقترح ورقة تأسيسية
1 تقديم
لم نلجأ إلى التفكير في تأسيس إطار أدبي جديد والحال أن الساحة تعج بالجمعيات ورابطات الأدب والفنون ومختبرات القراءة وصالونات الشعر والزجل ؟ أليس هذا هدرا للطاقات بأن نلجأ إلى تكرار التجارب وإعادة استهلاك المستهلك ؟ اما كفانا ملء الفضاء ضجيجا ورحانا لا تطحن إلا الريح خصوصا مع انعدام الوسائل وافتقاد الداعم الثقافي والنصير المؤمن برسالة الأدب واللغة والترجمة ؟ أليس من المفيد ترك الشعارات وتصفيف الكلام والتحول إلى شحذ الطاقات في عمل يلمس وثمار نجنى وتؤكل ؟
أسئلة مشروعة حق ان يطرحها أي كان علينا بل وأن نطرحها على أنفسنا ونجعلها محط تأمل حتى يتأسس مشروعنا على بنيان متين لأن قوة العلم تأتي من قوة السؤال المسؤول وعمق الشك ووضوح المنهج وسلامة الرؤية حتى الوصول إلى اليقين .
2 في نقد المؤسسة الثقافية
لا يسع الإنسان إلا أن يكبر أي سعي يقوم به أبناء هذا البلد من أجل النهوض بالحالة الثقافية لهذا البلد في كافة مجالات هذه الثقافة بما في ذلك تأسيس الإطارات وتنظيم الملتقيات والمهرجانات وإصدار المطبوعات وإنتاج الأفلام واقامة المعارض ، وهو ركام لا يخلو من جدة ولا يفتقر الى محاولات ونظرات فيها من الامتاع والقوة والتأثير خير كثير لا ينكره الا من جللت العدمية عينيه والسطحية نظره ويجب ان نكبر ونشكر جهود ادبائنا ومفكرينا وفنانينا الذين سعوا الى تسديد العمران وتأصيل البنيان الرمزي لهذه الامة بل ونعتبر الامتنان لذوي الفضل مقدمة ركينة في مشروعنا وتأسيسا لفكر ثقافي ايجابي يؤمن ان مشروعه هو نتاج جهود اخرى سبقته ومدته بكثير من شروط الولادة لكن بعض المؤسسات الثقافية في بلدنا ما انفكت تعيد إنتاج الأزمة البنيوية التي تنخر النسق السياسي والاقتصادي والحضاري بشكل عام إذ بدا لنا أن الحظوة في المجال الثقافي صارت موكولة إلى شرط الانتماء الحزبي والمصالح الشخصية ، بل وأصبح العمل الإبداعي مرقاة للمطمح السياسي والاغتناء المشبوه لذلك صارت بعض المؤسسات الكبرى رهينة بيد الأحزاب فغدت تشغلها حسب أجندتها الخاصة تفرض من تفرض في سلم المسؤوليات لا وفق الاستحقاق وأصبح الهم عند كثير من المنتسبين لهذه المؤسسات الاستفادة مما توفره من امتيازات السفر والجوائز والتطبيل الإعلامي المجاني ، حتى انحرفنا عن المقصد وزغنا عن السكة التي توصلنا إلى نماء عمراني راشد ، فغدت المهرجانات الثقافية مجرد بهرجة وتسويق فلكلوري هو اقرب إلى التهريج لسياسات مفلسة ، وأصبح المثقف الذي يفترض فيهالاستقلالية بوقا يتلاعب به السياسي الانتهازي مقابل نصيب مذل من الريع الذي توزعه قوى القهر ودهاقنة الهدر فتضيع طاقات البلاد وتصبح المؤسسة ميدانا لصراع الأهواء لا الأفكار والمشاريع ويصبح النقد مجرد ردة فعل ممن حرموا هذا الريع الا النادر من التقويم السليم لدى بعض الاقلام الوطنية المثقفة الجادة
3 في ظروف وحيثيات التأسيس
رؤيتنا أيها الأعزاء كانت وما زالت قائمة على الحوار البناء والمثمر خصوصا في مجال يضم أناسا لا تنقصهم الفطنة ولا يغيب عنهم عنصر الوعي الشقي ويؤمنون إيمانا عميقا باستقلالية الفكر وحرية الإبداع ويثمنون المبادرات التي تتجه نحو تحقيق هذه الغايات ،لذلك كان من الضروري جدا أن نكون نحن كذلك ملتزمين التزاما لامشروطا بمقتضيات هذا الميثاق الأخلاقي ،معبرين عن إرادة المجموع وقادرين في الآن ذاته أن نحسن تدبير هذه الوضعية الطارئة دون الإخلال بعناصرها الواجبة والمتفق عليها ضمنيا وصراحة بين كل الفاعلين في حقل العمل الجمعوي ذي الطبيعة الإبداعية والمعرفية.ولرفع أي لبس حقيقي أو مفترض علي أن أجيب عن تساؤلاتكم بما تقتضيه شروط علاقتنا المبنية على المحبة المتبادلة والاحترام الواجب.
أـ بالنسبة لفكرة التأسيس :
تأسيس الجمعية جاء برغبة من أصدقاء مبدعين وباحثين يمثلون عددا من المدن المغربية وضعوا الثقة في عملنا وتجربتنا في الميدان والتي عرفت بالنزاهة والدقة في التنظيم وخدمة المصلحة العامة ...
الجمعية هي إطار قانوني ليس معناه (statut)بمفهومه القدحي أو(pouvoir)بمعناه السلطوي، هي تنظيم قادر على المساهمة في الأنشطة الثقافية كما هو الشأن بالنسبة ل"منتدى إبداع وحوار"أو مدارات"أو منتدى العشرة"أو خميس الشعر"...وهي جمعية تعنى باللغة والابداع ،أي أنها لاتخرج عن اهتمامنا جميعا ولا تتناقض مع أهدافها التي لن تتحقق إلا بمشاركة الكتاب والمبدعين على اختلاف توجهاتهم...
المكتب التنفيذي ليس إلا أداة تنظيمية تضمن الحقوق والواجبات وتساعد على تنفيذ البرامج ،أما عمق العمل فهو المساهمة في الشأن الثقافي الوطني والعربي وهذا لن يتأتى إلا بالمشاركة والانسجام واتباع خط تصاعدي يكفل لجميع المساهمين فيه شروطا أساسية أهمها جعل الثقافة والابداع مرآة واضحة لهمومنا المشتركة بعيدا عن كل فعل غير لائق يضر بالأهداف النبيلة التي رسمتها الجمعية وسطرتها في قانونها الأساسي.
ب ـ بالنسبة للتسمية : لا أعتقد أن التسمية تطرح مشكلا معجميا ما دامت تعلن عن ميدان اشتغالها صراحة .اللغة هي حامل الفكر أو كما قال سوسير "اللغة والفكر كوجهي ورقة لا يمكن الفصل بينهما"لذلك فالبحث اللغوي سواء في جانبه النظري أو التطبيقي سيكون دعامة أساسية للحفاظ على الهوية الثقافية وصونها أمام الهجمات المتكررة للغات الأخرى التي تحاول أن تشكك في رمزية لغتنا وتتهمها بالنقص وعدم القدرة على المواكبة...والإبداع يشمل كل ما فيه خلق وجدة ضمن فنون القول واللون والحركة.(شعر-زجل-سرد-مسرح-تشكيل...).
ج ـ بالنسبة لظروف التأسيس :
هي في الحقيقة ظروف عادية جدا وكان بودنا أن يشارك الجميع فيها ولكن شاءت الأقدار أن تكون شراكتنا مع دار الشباب بوشنتوف والتي تجعلنا ننطلق في ظروف أفضل ،هي التي فرضت علينا هذا "التسرع"لكن العبرة ليست بالتأسيس وإنما بما سيأتي من إنجازات .لذلك تثمين العمل واجب بيننا رغم كل الظروف ،وتشجيع المبادرة تحفيز وشحذ للهمم وحتى إذا كانت هناك ملاحظات فإننا سنقبلها باعتبار أنها تصحيحية وليست محبطة
3 أولويات المرحلة
* نقل التصور إلى العمل الملموس ونقل الهامش الثقافي من الإهمال إلى محور التنمية البشرية التي تكون فيها المؤسسة خادمة للإنسان لا العكس ونقصد الهامش الجغرافي بإبعاد خرافة المغرب النافع وغير النافع ثقافيا والهامش الإنساني الذي لابد أن ينفتح على رموز ثقافية جديدة
* جعل التربية في أولويات الفعل الأدبي بالمساهمة في تطوير القراءة وتجديد الاهتمام بجدوى الفعل الإبداعي واللغوي
* تكريم أولي السابقة في الفكر واللغة والأدب بما يعنيه من اهتمام بانتاجاتهم ونقدها والاستفادة منها لا إقامة الاحتفالات فقط ومنح الشهادات
* الانفتاح على مؤسسات الفعل الثقافي بالخارج والداخل بما يخدم أهدافنا
* جعل المؤسسة حافزا على التطوير الذاتي وتنمية الفكرالايجابي والاعلاء من القدرات الشخصية
* الاهتمام بالترجمة التي هي رمز التواصل المنتج مع الغير وفق ثوابت الهوية والامن الثقافي الخاص بالامة
* الوعي بتنوع المشارب الثقافية للامة والعمل على ان تتناسب البرامج مع هذا الواقع المغني لثقافتنا والزارع الحياة في هويتنا

تحية صادقة وبعد،ما تضمنته الورقة التأسيسية،يشكل إطارا عاما،لبسط أهداف الجمعية ورهاناتها ...
أتمنىلهذا الموقع أن يزهر حتى نرى ثماره يانعة،إسهاما في بناء صرح ثقافي جاد...