السور الأحمــــر
السور الأحمر يلتف حول مدينة حمراء كالثعبان منذ مئات السنين. يضمها إلى صدره بعجرفة وتطاول. سعف النخيل يسافر في السماء بلا توقف ومآذن المدينة تطل بكبرياء على كل البيوت، وكل الأزقة ودكاكين الحرفيين.
سحر الأساطير الأولى يعبر مسام المدينة. للتاريخ رائحة تنبعث من الجدران، وله خاصية الخلود منذ زمن بعيد: زمن جلب فيه رجال ملثمون ماء زلالا من الجبال المجاورة. ثم صقلوا الجلاميد حجرا حجرا فشيدوا سورا عظيما.
الأيام التافهة لم تعد تسعف هذا البناء. أنهت مدة صلاحيته: فهو لم يعد متراس المدينة الواقي. لم يعد يحمي حتى نفسه. الأبواب العملاقة تخلت عن حراسها الملثمين فدخل الزنوج والعلوج سافرين.فكوا ضفائر المدينة وتلصصوا على مفاتنها.
عند قدم السور وقف رجل قصير. ليست له ملامح معينة، له وجه فطري. نظر يمينا ثم يسارا، رفع مقدمة جلبابه وعضها بفمه. أخرج إحليله ، دفع مؤخرته نحو الخلف مرتين متتابعتين وتبول على السور الأحمر. ولما انتهى أسدل جلبابه.حك قفاه برفق ثم واصل السير.
في المكان الذي تبول فيه الرجل القصير، وعلى واجهة السور الأحمر كتبت بخط رديء عبارة "ممنوع البول".