الجمعية المغربية للغويين والمبدعين
الجمعية المغربية للغويين والمبدعين
الجمعية المغربية للغويين والمبدعين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجمعية المغربية للغويين والمبدعين

ابداع بلا حدود
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولالعقد الفريد

 

 قراءة دلالية في ديوان{رماد الشمس} للشاعر المغربي مصطفى ملح .

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم ابويه
مدير مؤسس
ابراهيم ابويه


عدد المساهمات : 17
نقاط : 47
تاريخ التسجيل : 31/08/2010

قراءة دلالية في ديوان{رماد الشمس} للشاعر المغربي مصطفى ملح . Empty
مُساهمةموضوع: قراءة دلالية في ديوان{رماد الشمس} للشاعر المغربي مصطفى ملح .   قراءة دلالية في ديوان{رماد الشمس} للشاعر المغربي مصطفى ملح . I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 14, 2010 9:57 pm

قراءة دلالية في ديوان{رماد الشمس} للشاعر المغربي مصطفى ملح
دروبيون 25 يونيو 2009


إبراهيم أبويه

يصعد أعلى الجبل حاملا أحلاما كبيرة وقلما، داخل صندوق صغير مطرز بالأزمات ، يضع الشاعر مصطفى ملح محمولاته ودواله التي اختارها بعناية من كل القواميس والمعاجم الممكنة وغير الممكنة ، ومن هناك في سقف الأرض ينظر إلى الأقدام المتآكلة أسفل الوادي السحيق وهي تحفر في عمق الأرض فيصاب باليأس …لتخرج القصيدة مغمسة في المعاناة، متخفية داخل تخييل شعري قوي وتشكيل، لغوي يجعل المدخل الى المعنى مقرونا بثقافة المتلقي وخبرته الشعرية ، وإيقاعات وصور كأنها صممت خصيصا لقصائده.
تصور القصائد داخل ديوان – رماد الشمس- عالما مدهشا لا نجد له مثيلا إلا في المتن الفلسفي القديم حيث الأسطورة تمثل الرمز ، وحيث العالم السفلي خريطة تتطلب تأملا خاصا، وإعادة خلق جديد وفق منظومة فكرية قادرة على ربط الظاهر بالباطن ، الخير بالشر، الحياة بالموت ، الشمس بالرماد ، الحلم بالحقيقة…فيكون تمثل القصيدة خاضعا في جوهره الى مزاوجة بين اللغة الشعرية والأحلام المزعجة التي تسكن الوجدان، وتحوله إلى شمس تحترق في صمت ، إلى أن تصبح رمادا كونيا هو بمثابة حداد أخير لاولادة جديدة بعده.
يقول الشاعر ملح في قصيدة الطوفان :
{- تسأل سيدة بعض جاراتها :
’كيف أصلب داخل هذا العراء الفظيع؟
تعاتبها أخرى :
’لم أجد معبدا وثنيا لأحرق فوق حجارته.}
هكذ يتعلق ملح بين السماء والأرض باحثا عن لغة شعرية أخرى قادرة على حرق لهيب الذات ،فلا يجد غير عراء ملوث ووطن من رماد ولغة كأنها حورية تعرض كل مفاتنها بين أنامله ،طيعة تجذبها اللذة والغواية والمتعة والاشتهاء.
في- رماد الشمس – نجد الشاعر يدخل محراب الشعر مسلحا باللغة باعتبارها نسقا من الرموز ،لكنه في نفس الآن يتصرف بحرية واضحة داخل النسق، مستغلا تمكنه اللغوي والمعجمي العميق ، وحسه الشعري المثقل بالدلالات المتناسقة ، فيرسم تفاصيل أعماق الوجدان ، ويحفر في الأوراق نقوشا وطلاسم بمداد هلامية حبره وجع الذات وسؤالها المتردد ، ولونه مزيج من ألوان الطيف في مجرة أخرى…
ديوان (رماد الشمس) ، يريد أن يفضح الموت ويعري وحدة الشاعر وصداقته الأبدية للقصيدة، بعدما هجرته الرموز الأخرى المكونة لهذا العالم ، وجعلت وجدانه كبركان يشتعل في صمت تتخلله دموع وصراخ لشاعر ما زال يسقط في فوهته دون أن يصل الى قرار…
{- يسأل الشاب جارته:
أي نهر سأغسل فيه عويلي؟
- تعاتبه :لا وجود كذلك للشعر ، والوتر الهمجي…}
قصائد (رماد الشمس ) ليست وترا همجيا ، بل هي انتفاضة الروح بعد الموت، هي سر من أسرار الوجود ، إنها لحن يعزف بخشوع ، يناجي الكلمات ويسائلها ، باحثا فيها عن نشوة أخرى للنص ، حيث تولد الذكريات، تولد المفردات ، وحيث الفرح مواز للألم ، وحيث الموت رديف الحياة المعذبة بطقوس النار القاسية، وحيث الوجود مقترن بالفناء خارج الزمن الوهمي الذي تعيشه الكائنات :
{- سألتُ أميرةً:
في أي عصر نحن ؟
قالت : مات أبي مقتولا عند اغتيال الشمس…
سألتها : أبكيت ساعة مات ؟
قالت :مات كالعصفور في كفي ،
كألف حديقة ذبلت…}
ألم الروح وعذابها في قصائد (رماد الشمس) مقرون بمفهوم الموت ،هذا الموت الذي يخطف الكائنات والأفكار والوجدان ،ويترك الشاعر في صحرائه وحيدا يصارع الطواحين والوهم ،فيهرب الى واحة قريبة من السراب ليلتقط القصيدة ويعلقها تميمة تقيه شرور المكان وبطش الضواري التي تتربص في الظلام معلنة قدوم الموت في كا زمان ومكان…
{- أين ندفن حين نموت ؟
وكل الحقول التي بقيت زرعت بالجماجم…والخوف؟

كل القبور التي حفرت بأظافرنا ،ملئت بالصراخ…
ثم :
- سأترك الرماد خلف ظهري وأطير عاليا هناك.
نحو الطابق السابع من عمارة العالم…
ثم:
- رأينا نسوة يمررن من باب الجحيم
وخلفهن تفجرت صرخة عليا .
سألنا :أين نحن الآن ؟
قيل لنا :- بمفترق الحقيقة والمجاز حيث الروح سيدة…}
نفحة الموت عند الشاعر مصطفى ملح موجودة في جل القصائد، فهي تكاد تكون تيمة أساسية للقصائد.(رماد أورفيوس- مقبرة – الرماد…) لكن هذه الصورة التي نعتبرها أولى بحكم مجالها الدلالي والفلسفي العميق،لا تقدم نفسها بطريقة إرادية بسيطة داخل النسيج الشعري للقصائد ، بل إنها تنام داخل حقل رمزي يمتح من التاريخ ومن الأسطورة ومن الرمز، ومن شخوص معينة مرت عبر التاريخ، ومن فكر إنساني متنوع وكوني، مما يفرض على القارئ والدارس على حد سواء، جهدا استثنائيا لفك شفرة المعنى وعلاقته بوحدة القصيدة باعتبارها نتاج معرفة وثقافة وتجربة حيكت في قالب شعري جمالي قوي وشديد الكثافة.
إن مفهوم الموت عند الشاعر مصطفى ملح هو مفهوم شمولي ، يأخذ دلالته الرمزية خارج سياق الزمن الحقيقي الذي يسري على الكائنات ، إنه موت الأخلاق وموت إنسانية الانسان ، موت محكوم بالعودة والرجوع، موت يأخذ معانيه من ثقافة إسلامية دون إزعاجها ، وثم يمتزج بالحضارات الأخرى ليصبح موتا كونيا يحمل كل المعاني الممكنة وغير الممكنة ، فهو موت بمعنى الرحيل والذوبان ، أو بمعنى النوم الأبدي الذي يليه انبعاث من تحت الرماد في زمن غير معروف وغير مفهوم…
يبدأ الموت عند الشاعر المبدع مصطفى ملح بموت القصيدة وموت الجدوى من الشعر ، فالقصيدة لم تعد تنقل المعنى عبر العصور وعبر الاجيال ، لم تعد لها تلك الضرورة التي خلقت لأجلها ، فهي في نظره قوة تآمرت عليها كل الشروط وخصتها من الثبات الذي هو جوهر وجودها داخل الذاكرة ومنبع انبعاثها العفوي…
إن فكرة الموت كما يتصورها الشاعر مصطفى ملح ، تبدأ من خلال أول إهداء في الديوان ، يقول:
{- إلى الذين انتفضوا من تحت الرماد ،
ليكتبوا القصيدة الأخيرة
حدادا على الشمس…
إلى الذين أحرقوا جسم الليل
كي تولد آخر شمس.}
الشمس التي ألهمت الشاعر ليست سوى نور الحقيقة الذي لا ينطفئ.فرغم أن الشاعر مصطفى ملح قد صنع بيديه نعش الشمس ، إلا أنه أدخل رأسه فيها ليرى شمسا تنبعث منها وتولد من جديد. ثم تبدأ فكرة الموت في الامتداد داخل رؤية الشاعر لتجعل من العصافير شاهدا على الموت ، فالأفكار حين تصطدم بالليل البهيم ، تصبح طيورا مغتالة في أعشاشها داخل جسم ليالي القتل الطويلة.
{- رأيت دما، فهل ماتت عصافيري؟
رأيت الموت يحفر
فضة الأبدية الملقاة فوق الرمل ،كالجثة.
وتحت الثلج أكفان…}
فالموت هنا يصبح رؤيا تتكرر في وجدان الشاعر وتخلخل ثوابته التي آمن بها منذ عشقه للقصيدة وهجره للأمكنة والناس .(رأيت…) فهو يرى بعين أخرى تجعله يتنبأ بلحظات اغتيال الفكرة (العصافير)، يرى أن العالم السفلي الذي يحتضن عظامه قد أصبح كفنا لجوهر الفكرة المغتال…
{- أنا الموعود دوما
بالدموع أبات أحلبها دما..
هي وردة خشبية مزروعة بين القبور.}
زمان الموت ومكانه وجوهره عند الشاعر مصطفى ملح ليسوا في النهاية إلا مظاهر متقلبة للمفهوم ، وجزء من مصير حتمي لقصيدة تعتبر امتدادا لهذا الموت وقطعة منه.
{- سألت: متى رحلوا؟
أجاب: قبيل منتصف الخسارة.
مزقوا كتب البلاغة والرثاء.

كأنهم مسحوا دم الماضي ورائحة الثرات.
كأنهم قبل الرحيل تعاهدوا
أن يدفنوا زيتونة التاريخ في النسيان.
هم قوم قساة ، ربما ولدوا هنالك :
حيث أعشاش الجحيم.
سألت مجددا :
هل يرجعون إذا أنا أشعلت قنديلا لهم ؟
إجاب في يأس يعاتبني:
لقد ماتوا …!}
نستشف من خلال ملاحظاتنا للكتابة الشعرية عند المبدع مصطفى ملح من منظور متعدد لا يخضع لمنهج صارم يفرض أدواته ويصنع القصيدة على مقاساته غير المكتملة أحيانا ، إن القصائد المغروسة بعناية في حقول (رماد الشمس)،تكشف عن علاقة أنطلوجية بين لحظة الشعر ولحظة التأمل الميتافيزيقي إن صح القول طبعا، فالزمان غير مستمر، وصيرورة الكائن متقطعة وتتخللها اهتزازات وجدانية كثيرة تلوح على شكل أسئلة وجودية منتشرة تكشف عنها علامات الاستفهام المركونة هنا وهناك.إنه زمان سيكو-ميتافيزيقي حسب تعبير باشلار ، يضاعف من خلاله الشاعرمصطفى ملح هذه الجدلية الزمانية رافضا الاستمرار والسديم للأحاسيس والاستنباطات الذاتية ،فالقصيدة هي ترجمة لحالة الصمت ، وزعزعة لحلم كبير يراود الشاعر فيتخلص منه بإعادة خلق القصيدة التي تنوب عنه في شرح العلاقات المتشابكة بين صور الماضي المدفونة في الذاكرة، وصور أخرى تشرح علاقة الشاعر بالشعر أولا ، وبالأشياء التي تكون الوجود ، بغية الوصول الى صياغة أخرى تكشف من جديد عن مبررات الوجود وميكانيزمات اشتغاله . معنى ذلك أن الشاعرمصطفى ملح يرى بطريقة أخرى مكونات الواقع المادية :المدينة،البادية،الناس هنا وهناك،الأشياء،الطبيعة،الطيور والحيوانات،الجنة والنار ،الحساب والعقاب،كيفية تحول الأشياء : تفتح الزهور ، موت العصافير ،التقاء الواقع بالأسطورة… فهي رؤية للكون كميتافيزيقا ترتبط باللحظة الشعرية وتغذيها ، فتتحول القصيدة إلى رؤيا جديدة تصنع عالما آخر من جمال يعوض ما تبقى من رماد هذا العالم الوقائعي الميت.فالجمال بالنسبة لملح يسكن كل شيء، فهو إرادة وقوة تجسدان حقيقة الانتقال من عالم ما وراء الصمت حيث يولد الجمال الهلامي ، الى عالم آخر يحتفل بالموت الكامن في ذرات الرماد ، فيصبح الرماد وجها آخر يخفي في ثناياه نارا أخرى قادرة على التشكل من جديد.
ديوان (رماد الشمس) هو حلم لا نهائي ، حلم اليقظة الكوني حيث لا وجود إلا لصوت الشاعر المبدع مصطفى ملح الذي يبحث جاهدا عن حقيقته الأولى والتي ليست سوى صورة تضيئ مثل نيزك بعيد يبحث عن لحظة مقدسة ليهبها نوره الأبدي.
وإضافة الى ما سبق ، نجد قصائد (رماد الشمس) مفعمة بالحمولة الثقافية التي تبين عمق الشاعر ومعرفته الكبيرة بالفلسفات والديانات والأشياء وخصوصا ما يتعلق بالموروث الثقافي العربي الإسلامي حيث الهوية وحيث الإنتماء.فالشاعر يعي أن الشعر يختلف عن أنماط الابداع المجاورة ،لذلك تجده حريصا على توظيف خلفيته الفكرية والمعرفية داخل إطار استيتيقي يحمله مقاصده ويبرز من خلاله القيم المختلفة التي ترتبط بالنظام الذي أفرزها . إن قراءة ديوان ( رماد الشمس) ، تقتضي وعيا صريحا بالخطاب الشعري أو كما يسميه النقاد – المدونة الشعرية- باعتباره إنتاجا إبداعيا يتطلب منا بناء استراتيجيات قرائية خاصة جدا ، لا تقتصر على البناء اللغوي للقصائد، أو الجانب الجمالي ، أو شعرية النصوص وأدبيتها ، بل علينا أن نصل الى المضامين أيضا ونحللها لنتعرف طرق اشتغالها داخل النصوص وكيفية توظيفها كبصمات مستترة داخل القصائد…
فحين ننتقل الى المضامين العقدية والفلسفية والتاريخية وغيرها داخل الديوان ، نجد الشاعر مصطفى ملح قد استطاع توظيفها بشكل لا يمس جوهر الشعر ولا يجعلها نشازا أو قيمة مضافة فقط ، بل إنه جعلها شاهدا على الانتماء ،وسبيلا إلى إعادة القراءة من جديد في كل ما قيل في زمن آخر حول الأماكن والشخوص والأزمنة والفهم والتأويل ، وخصوصا حول التصورات التي باتت تشكل عائقا معرفيا يحول دون وضع الأسئلة الحقيقية…
نجد ثقافة الشاعر الروحانية من خلال المداخل المعجمية التي تتضمنها قصائده : (أصلب – معبد وثني – دعاء المصلين – الخطيئة – ريح جهنم – النار – زبانية. – آدم يهبط – يوقعه التفاح…) ،ثم يعود ملح ليعيد صياغة التاريخ صياغة قادرة على الالتحام (شمس رمادية فوق سماء القدس – شمس سقراط – أرض كنعان – عرب ينتصرون ، يحكمون العالم الواسع…)ونجد كذلك الشخصيات التي حفرت اسمها في التاريخوما زالت تعيش بيننا بفكرها أو بتأثيرها الروحي( علي بن ابي طالب – هولاكو – بوذا – أرسطو – الفارابي – ابن رشد – فيروز – سيف الدولة – أرفيوس ).
فالشاعر ينتمي الى منظومة ثقافية متنوعة ومتعددة ولا تقتصر على جانب واحد ، بل إنه يقارع بين عالمين رئيسين : عالم الفكرة وعالم الروح ، الأولى تمثل الشمس والثانية تمثل الرماد.
ديوان (رماد الشمس) ، حديقة شعرية ممتعة ، أزهارها رمادية ، خالية من الطفيليات ، لغتها عربية بعيدة عن الشطحات التركيبية النشاز ، جوهرها ثقافة واسعة وتمتح من الثرات باحترام وعمق ، وتوظفه بلا إزعاج.
القصائد داخل الديوان ، خلقت قصدا لتنبعث من رمادها وتكون دوما ما كانته في البداية : النزوع إلى إعادة الخلق ذاتها بنفس صورتها الأصلية ،فالشعر يحفزنا نحو إعادة إنشائه على غرار ما قد خلق ،كما يقول بول فاليري. .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قراءة دلالية في ديوان{رماد الشمس} للشاعر المغربي مصطفى ملح .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ديوان «رماد الشمس» للشاعر مصطفى ملح : شمس الخيبة والغياب!!_lkr;g-
» قراءة في ديوان ''قوافل الثلج'' للشاعر المغربي عبد اللطيف غسري محمد محقق
» قراءة في ديوان هل سيعود للشاعرة مليكة كباب
» توقيع ديوان حبيبي يا وطني للدكتور مصطفى بغداد
» مصطفى ملح يقطر دما / بقلم الشاعر الناقد عبد الهادي روضي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعية المغربية للغويين والمبدعين  :: تحت المجهر دراسات نقدية :: دراسات نقدية في الشعر-
انتقل الى: